بيعةٌ للأمير

بعد عناء رحلة تبليغ الدين الخاتم من قبل خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وآله، يوحي له الإله في أواخر حياته بضرورة تبليغ هذا الخبر. وامتناع تبليغه يؤدي إلى هدم كل الجهد المبذول في نشر الدعوة “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ”. فالخبر مهم جدًّا؛ حتى يرجح بهذا الترجيح. 

  ونزلت عليه آية التبليغ بعد عودة الحجاج من مراسيم الحج، وقبل أن يتفرقوا أوقفهم النبي صلى الله عليه وآله تحت حرارة الشمس؛ ليبلغهم مفاد الرسالة لضرورتها، فيخطب فيهم خطبته الشهيرة المعروفة بخطبة الغدير، ثم يعيّن الخليفة والوصي من بعده وهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وأمر المسلمين بمبايعته، فنزلت هذه الآية ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً  

ومن ضمن ما ورد في الخطبة تأكيده على ضرورة التمسك بالقرآن وأهل البيت عليهم السلام “إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدًا، ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض”، والتمسك بمعنى التشبث. ويتحصل التمسك عبر الالتزام بأوامرهم ونواهيهم، بأقوالهم وأفعالهم، والسير على نهجهم، وخطاهم في القول والعمل. 

ومن ضمن ما يوصي به كتاب الله والعترة هو التفقه في الدين، فحظي هذا الأمر باهتمام كبير من قبل الشريعة المقدسة، قال الله تعالى: ﴿ ِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ ، وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام: “لا تكونوا كجفاة الجاهلية، لا في الدين يتفقهون، ولا عن الله يعقلون”، و “تعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب”. والتفقه بمعنى التعلم. 

فعلينا أن نتمسّك بأهل البيت ونتعلّم أمور ديننا في الدين، ونعاهد الأمير بالسير على نهجه والعمل بتوصياته وإرشاداته. 

admin

اترك رد